الملكه ناريمان
مولدها ونشاتها
كانت ناريمان الطفله الجميله وحيده والديها، ويعني اسمها باللغه التركيه " الجميله الفاتنه خفيفه الروح ،ولدت بالقاهره فى 31/10/1933 والدها هو حسين فهمى صادق وكيل وزارة المواصلات ، وهو نجل على بك صادق من أعيان مصر فى ذلك الوقت و اخر منصب تقلده قبل وفاته هو سكرتير عام وزارة المواصلات ، اما والدتها فهى اصيله هانم ابنة كامل محمود من اعيان محافظة المنيا.
عاشت ناريمان طفوله سعيده فهى ابنة وحيده انجبها والداها بعد عدة محاولات فاشلة للانجاب ،ولم ينجب ابواها سواها وكان والدها يخاف عليها بشده للحد الذى جعله يفضل عدم الحاقها بمدارس اللغات البعيده عن السكن على ان تلتحق بمدرسه مصريه عاديه كانت تلاصق الفيلا التى تعيش فيها مباشرة و توقف تعليمها عند المرحلة الثانويه و كانت فى هذه السن جميلة رقيقـة هادئـة كرس لهـا والداهـا كل جهودهما فعرف عنها الادب الشديد ، و بدأ الخطاب يطرقون بابها مبكرا حتى جاءها العريس الذى وافقت عليه هى و اسرتها وخطبت الى الدكتور محمد زكى هاشم المحامى المعروف و تم تحديد موعد الزفاف وجاء اليوم الذى ذهبا فيه لانتقاء خاتم الزواج
مقابلتها للملك
قصص كثيرة و روايات نسجت عن ظروف و ملابسات ارتباط الملك فاروق ملك مصر السابق بالفتاه الارستقراطية الجميلة ناريمان لم تتفق الروايات جميعها على التفاصيل حيث حفلت كل قصة بسيناريو مختلف و لكن معظم بل كل هذه الروايات اتفقت على ان اللقاء الاول بين الملك و ناريمان كان فى محل احمد باشا نجيب الجواهرجى فى شارع الملكة فريده المعروف الان بأسم شارع عبد الخالق ثروت.
احيطت قصة مقابلة الملك لناريمان الكثير من الاقاويل فقيل ان الجواهرجى عندما رأى ناريمان وجد انها العروس المناسبة وانه ابلغ الملك بمن وقع اختياره عليها وانه اتصل بالملك و حدد ميعاد بعد عدة ايام لتأتى اليه العروس مرة اخرى وافهمها انه سيحضر لها خاتما نادرا و ان فاروق جلس فى غرفة خلفية من المحل و شاهدها و هى تمشى و تتحرك وابدى موافقته عليها فما كان من الجواهرجى الا انه فتح خزانته و اخرج منها خاتما ماسيا وقال لوالدها مبروك ابنتك ستصبح ملكة مصر
وفى قصة اخرى قيل ان الجواهرجى اخرج خاتما و طلب من ناريمان ان تنظر اليه خارج المحل فى الضوء الطبيعى ليتيح للملك فاروق ان ينظر اليها من شباك احدى الشقق امام المحل وعندما اعجبته اشار للجواهرجى بالموافقة و رغم عدم منطقية القصتين الا ان ما قيل هو ان الجواهرجى هو الوسيط او هو الذى رشح ناريمان للزواج من الملك.
لكن هناك رواية شاهد عيان ذكرها قبل رحيله منذ اعوام قليلة هو يوسف نجيب ابن شقيق احمد نجيب باشا و كان قد سمع من عمه مرارا و تكرارا حسبما قال و اقسم بأن هذه الرواية هى عين الحقيقة و ما سواها مجرد حكايات غير موثقة و لا تليق بملك مصر و لا بقراراته
والقصة كما يرويها يوسف نجيب الجواهرجى تقول:ان الملك كان فى هذا اليوم فى زيارة الى محل المجوهرات الذى يملكه عمى و عندما حضر الملك كالعادة كان عمى يغلق الباب ويمنع دخول الزبائن احتراما لمكانة الملك لان الصلة بين عمى والملك كانت قوية وكان فاروق يذهب الى المحل دون حراسه و يقود سيارته الصغيرة بنفسه و كان يحرس المحل حارسان وفى مدخله السكرتير الخاص لعمى وعندما دخل الملك ترك الحارسان موقعهما حيث ذهب احدهما لاحضار عصير الليمون من جروبى والاخر لاحضار بعض القطع الذهبية التى كانت تصنع خصيصا للملك من الورشة التابعة للمحل وفى نفس الوقت ترك السكرتير مكتبه لاحضار اكياس من الجنيهات الذهبية التى كان قد طلبها الملك وفى هذه اللحظات لعبت المصادفة دورها حيث حضرت الفتاة ناريمان بصحبة خطيبها و دخلت من باب المحل دون ان يعترض طريقها احد وعندما شعر عمى بصوت اقدامهما طلب منهما فى لهجة صارمة التوقف عن السير للامام وبسرعة شديده انتقل الملك الى حجرة الخزائــن الملحقــة بالمحل وسمح عمى للشاب والفتاه بالدخول فقالا له انهما يريدان شراء حجر من الماس شبكة الخطبة وجلست ناريمان على كرسى فى مواجهة حجرة الخزائن التى كان يفصلها عن المحل ستارة فشاهدها الملك و اعجب بها واشار الى عمى و طلب منه ان يعرفهما به لانه يرغب فى بيع حجر سولتير و يعتقد انه سيعجبهما و لهذا اخذ عمى ارقام تليفونات ناريمان و بعد ذلك اتصل مندوب من القصر الملكى بعائلتها وردت عليه السيدة اصيلة والدتها واعطته رقم التليفون الخاص بعمل والدها، وعمى على عكس ما يشاع كان معارضا لهذا الزواج و قال للملك الفتاة صغيرة وغير مؤهلة لتكون ملكة مصر
تلك كانت رواية اخرى لحكاية كيف تزوج الملك من ناريمان و حتى بأفتراض ان الرواية الاخيره هى الاقرب للحقيقه لان راويها كان ابن شقيق البطل الرئيسى للقصة فهى فى جوهرها لا تختلف كثيرا عن الروايات الاخرى فالامر المؤكد هو ان فاروق خطط لخطف ناريمان من خطيبها و تزوجها.
شروط الملك للملكه المقبله
المفارقه ان شروط فاروق التى وضعها كمواصفات فيمن ستكون ملكة مصر وزوجته المقبله خلفا للملكة فريده والتى انفصل عنها جاءت منطبقه تماما على ناريمان وكانت هذه الشروط هى ان تكون الزوجة وحيدة والديها وان يكونا قد طعنا فى السن لكيلا ينجبا طفلا اخر والشرط الثانى الا يجرى فى عروقهما اى دماء سورية او لبنانية او تركية او دماء اجنبية بحيث تكون فتاة مصريه خالصه مائه فى المائه، اما الشرط الثالث فهو ان تكون من الطبقه المتوسطه العليـا و لا تكون من طبقة الباشوات والشرط الرابع والاخير ان تبلغ من العمر 16 عاما و ان تكون قادرة من الناحيه الجسمانيه و الصحيه على ان تحمل له طفلا، جميع الشروط جاءت منطبقه على ناريمان فهى وحيدة والديها و من عائلة برجوازية دماؤها مصريه تماما مسلمه و عذراء وبالفعل حظيت الفتاه بالرضا و القبول من الملك فقد كانت فى الحقيقه فتاه جميله
رفض والدها للزواج
كانت الخطوه الثانيه بعد ان ابدى الملك موافقته على ناريمان ان يقوم والدها بفسخ خطبتها و اصيب الاب بالقلق و الفزع خوفا من ان يكون طلب الملك نزوه من نزواته و لم يجد الاب امامه سوى ان يصارح خطيب ابنته بذلك حيث استقبل الامر بوعى كامل و تم فسخ الخطبه ليغرق الاب فى مخاوفه مما جعله يستشير صديقه دسوقى اباظة باشا الذى ابلغه انه متخوف و ان فاروق (مش بتاع جواز) و نصحه بأن يأخذ ابنته و يهرب بها خارج مصر و ساءت حالة الاب وانقطع عن العمل فقد كان يشعر ان الالم سيلازم ابنته بعد ذلك وهو يربط بين مصيرها ومصير الملكة التى سبقتها فريده والتى عرف انها كانت تعانى داخل القصر وان المعاناة اسفرت عن طلاق وفشل وهو يفضل ان ترتبط ناريمان بالشاب زكى هاشم على الارتباط بالملك، كان والد ناريمان يتابـع مأساة الملكة فريده وما عانته من حياة القصور والنهاية الفاشله للزواج و حتى لا تتزوج ابنته من الملك فكر جليا فى الهرب بها واعد خطة لذلك و لكن المخلصين حذروه فتراجع عن فكرته ،وزادت عليه الضغوط ثم توفى فجأة بالسكته القلبيه و حضر الملك العزاء و كان معه كبار رجال الدوله
راي ناريمان في الملك
كانت ناريمان معجبه بالملك فاروق وتحتفظ له بصور شخصية ترى فيها قدرا كبيرا من الوسامة والرجوله، مشاعر ناريمان فى ذلك الوقت طبيعية فمن هى الفتاه التى ترفض الزواج من ملك؟ ربما كانت ظروفها الشخصيه وارتباطها بالدكتور زكى هاشم احد الاسباب التى جعلت قصة لقائها بالملك غريبه وغير منطقيه فهى كانت مخطوبة وحددت مع خطيبها موعد الخطبه بل ووزعت الدعوات على 500 مدعو، ولكن كلام الملوك لا يــرد وحياة القصور لا تقاوم والجلوس على العرش شرف لا يحظى به الا اقل القليل، كل هذا قطعا جال ببالها و هى تتأمل حياتها، الجديده مع الملك وهى تتخيل خطواتها الاولى داخل قصر عابدين المهيب، و هى تبتسم لكاميرات المصورين و هى تتأبط ذراع ملك مصر والسودان، اقصـى ما تحلم به الفتاه هو الزواج من فارس الاحلام لا ان يكون الحلم حقيقه وتتزوج من ملك فى حجم ووزن فاروق منتهى الحظ، هكذا عاشت ناريمان اللحظات التى سبقت الزواج كانت بدون شك تترقب الايام و تعد الساعات حتى تصل الى اللقب، وكان فاروق يغذى دائـما هذا الامل ويدعمه، كان يبث شوقه فى خطابات غراميه و كان يهاتفها بكلمات جميله ، ولغه ملكيه راقيه ، ولم يكن سوا عقبه واحده وهي ان والدها المحبب جدا الى قلبها يمانع هذه الزيجه ويرفضها ويعترض عليها لدرجة ان البعض يربط بين رحيله المبكر وبين حزنه الدفين على زواج ابنته المرتقب من الملك، وقتها كانت لا تفهم لماذا يرفض الاب هذا الشرف وليس الزواج، كانت دوافع الاب غير دوافعها و نظرة الاب غير نظرتها.
وتتذكر الملكة ناريمان فى المرات القليلة التى تحدثت فيها عن لقائها بالملك قائلة:وجدت نفسى اتحدث مع الملك كأنى اعرفه طوال حياتى فقد كانت له طريقه خاصة فى الاستماع لما تقوله له كأنك تقـول شيئا حكيما او ذكيا، وقـد شجعنى على التحـدث وجعـلنى اشعر بأن كل شئ كنت أقـوله كان بالنسبة له مفيـدا وذا معنى
كانت ناريمان معجبة بالملك و كانت معجبة اكثر بالصور التى يظهر فيها مرتديا زيه العسكرى وتلك التى ظهر فيها وهو يحمل سيفا وقناع المحاربين وبصورته وهو بلحية الخليفة التى تعترف بأنها وجدتها رومانتيكية جدا.
وفى يوم زيارة الملك لمنزلها ذهبت مع والدتها الى حلوانى جروبى لشراء تشكيلة غالية من الحلويات وقامتا بتزيين المنزل بالنباتات والزهور واشترت فستانا جديدا وكان موعد الملك فى الثالثة ولكنه لم يحضر قبل العاشرة حيث وقفت سيارة ماركة كاديلاك حمراء امام المنزل وكان فاروق يرتدى بدلة سهرة سوداء وطلب من ناريمان اعداد فنجان من القهوة ومكث فى المنزل 20 دقيقة فقط وبعد ان غادر اخذت ناريمان السيجار الهافانا الذى اطفأه فى الطفاية كتذكار لتريه لصديقاتها فى مدرسة الاميره فريال الثانوية الا ان والدها نهرها لذلك .
تجهيزها لتكون ملكه مصر
بعد زيارة الملك فاروق لمنزل ناريمان اختفى الملك عنها وكادت ناريمان تفقد الثقة بنفسـها وبعد غياب طويل من المــلك دق جــرس الهاتـف فى منزلهــا وكانت هذه هى المرة الاولى التى تحدث معها فيها تلفونيا وفى هذه المكالمة طلب منها ان تسافر فى رحلة الى اوروبا بصحبة عمها قبل ان يخطبها رسميا وقال انا قررت كل شئ ستسافرين بصحبة عمك وتم استدعاء عمها مصطفى صادق الى قصر عابدين بناء على تعليمات الملك وتم ترتيب السفر وسافرت ناريمان الى ايطاليا لتدريبها على قواعد البروتوكول الملكى فقد كانت ناريمان الفتاه الشابه بالكاد قد خرجت من طور الطفوله فعمرها كان وقتها سبعة عشر عاما تنظر الى الحياه ببساطه الفتاه فى عمرها فقرر الملك ان تسافر ايطاليا بأسم مستعار على اساس انها ابنــة عم زوجــة على بك صادق ويــكون اسمها سعاد صادق وقال لها فاروق لا تخــافى يا عزيزتى اينما ذهبت فستكونين محاطه بجدار من حماية لا يمكن اختــراقه، وعاشت ناريمان فى رومــا فى السفاره المصريه فى فيلا سافويا وهى المنزل السابق للعائلة المالكة الايـطاليـــة التى كانت تعيــش فى هــذه الفتره فى الاسكندرية وسعدت هى حيث عاشت فى غرفة النوم الخاصه بملكة ايطاليا السابقه وتم تكليف الكونتيسه ليلى مارتلى وهى سيده كانت من اكثر سيدات اوروبا ثقافه وخبره بمرافقة ناريمان لتعلمها التاريخ والسلوكيات العامة واتيكيت البلاط الملكى وكانت ليلى تعطى ناريمان الغازا يوميه تسألها مثلا عن مكان الجلوس فى عشاء رسمى فمن يأخذ الاسبقيه بين سكرتيــر ثان فى سفارة وصاحب لقب وبين سفير سـفاره اخرى لا يحمل لقبا وكانت لناريمان مدرسه لياقه لتدربها على النظام والثقافه الخاصه بالجـسم وكانت لديـها مدرسه موسـيقى الاوبــرا وهى ايـطاليـة وايضا زوجة دبلوماسى مصرى لكى تعمل معها على التعرف على بروتكول قصر عابدين ودرست ناريمان اربـع لغات الايطاليـة والالمانية والانجليزية والفرنسية وكانت تذاكر بجد واهتمام وتولى السفير عبد العزيز بدر باشا تدريبها على البروتكول المصري .
وكان الانجليز يراقبـون عن قرب ملكة مصر المقبــله، و كانت احـدى الجاسوسات الانجليزيات هى امرأة تم اختيارها لتعطى ناريمان سلسة من عشرين درسا فى الانجليزيه وكان انطباعها عن تلميذتــها انها تعتبــر نفسها وطنيه وقوميــه بشكل تقليــدى وهى تصرح بكرهها للفكر الشيوعى وروسيا وتعتقد ان الاغنياء المصريين يجب ان يتحدثوا العربية لا الخليط المعتاد من الفرنسية والعربية وهى مدركه للفجوه الكبيره بين الاغنياء والفقراء فى مصر وهى متلهفه للسفر لكنها لا تريــد العيش فى الخارج وهى تعبر عن اهتمامها بالموسيقى والتاريخ وتقوم بالرسم وتحب السينما والملابس والجواهر والمشى كما انها تظهر اهتماما كبيرا بالعائلة المالكه البريطانيه فتبحث فى المجـلات والجرائــد عن مقــالات عنهم ومن الواضح انها مسلمه متدينه وتأسف لان العديد من الناس فى الطبقة الراقية يهملون دينهم وهى معجبه بالملك وتقول عنه انه محب لشعبه يفعل الكثير من اجل بناء بلاده ببناء العديد من المدارس وبناء جامعه جديده ولاحظت المدرسه الانجليزيه ان ناريمان تعتبر باريس هى عاصمتها المثاليه وليس لندن ولا روما وبعد 6 اشهر عادت ناريمان لتتزوج من فاروق، كان مخططا لها ان تمكث فى ايطاليا عاما كاملا لتتدرب على قواعد البروتكول وعلى الحياه الجديده التى تنتظرها كملكة لمصر لكن فاروق لسبب او لاخر طلب اختصار المدة وعودتها بعد ستة اشهر فقط
نهايه الزواج الملكي
لم تستمر طويلا سعادة الملك فاروق والملكة ناريمان بمولد ولى العهد الجديد الامير احمد فؤاد حيث تصاعدت المشكلات فى مصر وتأثرت الحياة السياسية ودخلت البلاد مرحلة مضطربة شهدت خلالها احداثا جسام ابرزها حريق القاهرة ومعركة الشرطة فى الاسماعيلية لم يكن يتخيل الملك ان القدر سيكون عليه قاسيا لهذه الدرجة ولم تكن تتوقع الملكة ان بداية النهاية قد حلت.
ففى اللحظة التى تحققت فيها امنيتهما الغالية بمولد ولى العهد والملك المقبل الذى سيجلس على عرش مصر ويخلد اسم فاروق واسم والده الملك فؤاد جاءت النهاية المأساوية وفقد فاروق الاول عرش مصر وفقدت ناريمان التـاج بل واجبرا على مغادرة مصر تاركين خلفهما كل شئ السلطه والجاه والثروة والملك والاهم الوطن كان عمر الملكة فى هذه اللحظات المثيرة دون العشرين ولكن الموقف الذى كانت تواجهه بكل تأكيد اضاف لعمرها سنوات كثيره فقد كان موقف لم تحسب حسابه وجاء فى غير وقته ولا احد يتمناه لها سوى خصومها
قامت الثورة فى ليلة 23 يوليو 1952 كانت ثورة ناجحة والهدف الاهم لها هو طرد فاروق واسقاط الملكيه وكانت ناريمان تتابع كل ما يجرى حولها وهى غير مصدقة ما يحدث فى لمح البصر تغيرت الاوضاع وانقلب الجميع على زوجها الملك واصبح عليها ان تواجه المصير الجديد فهى الان ملكة مصر وفى نفس الوقت ام الملك الجديد وعليها ان تقف بجوار زوجها
وتم تعيين الامير الصغير احمد فؤاد الثانى ملكا على البلاد خلفا لوالده فاروق المعزول ورحل فاروق عن البلاد ومعه ناريمان وولى العهد وبناته من الملكة فريده وودع شقيقاته وتحرك يخت المحروسة الى ايطاليا وظلوا فى ايطاليا ثلاثة ايام وصــل فاروق وناريمان الى كابرى وسجل فاروق نفسه فى الفندق صاحب الفخامة الملكية الامير فاروق فؤاد امير مصر وكان يقضى وقته فى هذه الاثناء فى اصطحاب الاميرات الصغيرات للسياحة وبعد اقل من شهرين غادر فاروق كابرى الى كارل حيث استقر هناك فى قصر يضم 30 حجره يقع على جبال الالب خارج روما كان فاروق حريصا على ارضاء عائلته وكان حريصا اكثر على ان تعيش حياة كريمة ولكن لاسباب واسباب نشبت مشكلات بينه وبين ناريمان الجميع يتوقـع ان توحـد بينهما الظروف الجديـده وتدفعهما للتماسك فى مواجهة الظرف الصعب لكن فيما يبدو ان الخلافات كانت اكبر من ذلك
بعد مرور 3 اشهر انفصل فاروق عن ناريمان بعد ان اصبح من الصعب استمرار الحياه بينهما فالغربة بالتأكيد جعلت الملكة غير قادرة على تحمل الملك المنفى وتغيرت حياتهما فى لمح البصر وضاعت معها فرحتهما بالامير الصغير ولم تعد هناك أية بارقة امل فى الاصلاح ولا فى استمرار الحياه الزوجية
عادت ناريمان الى مصر ولكن فاروق رفض ان يترك لها الملك الصغير وخيرها بين البقاء او العودة بدون ابنهما وعاش الامير الصغير مع والده ولم تشاهده ناريمان الا بعد مرور عامين حيث سمح لها فاروق ان ترى ابنها لاول مرة فى عام 1955 رحبت الثورة بذلك ومنحتها جواز سفر مصرى بل وسمحت لها بدخول القصور الملكية المصادره للحصول على بعض المتعلقات الخاصة بها اقامت ناريمان دعـوى امام محكمة مصر الجديدة الشرعية وجاء فى اعلان لدعوى القضائية التى رفعتها ان الملك لم يحسن معاشرتها وانما قسا عليها بما لا يستطاع معه دوام العشره وقعت ناريمان وثيقة الطلاق وتنازلت عن نفقتها الشهرية
حصلت الملكة ناريمان على الطلاق من الملك فاروق فى فبراير عام 1954 بعد زواج ملكى دام 4 سنوات الا 3 اشهر و فى عام 1953 و تحديدا فى 18 يونيو اقصى مجلس قيادة الثورة الملك الصغير احمد فؤاد رسميا عن حكم مصر وكان عمره وقتها 18 شهرا وبهذا التاريخ وضعت الثورة النهاية المؤكدة لاسرة محمد على التى حكمت مصر 148 عاما
الزواج الثاني ونهايته
بعد مرور 3 اشهر على توقيع وثيقة الطلاق تقابلت ناريمان مع شاب مصرى تلقى تعليمه الجامعى فى جامعة كامبردج بلندن وهو الطبيب ادهم النقيب من الاسكندرية تقابل ادهم مع ناريمان لم تفكر الملكة السابقة ناريمان كثيرا ولم تتردد ويبدو انه خطف قلبها وقلب الام اصيلة هانـم ولهذا تم الزواج سريعا وتحديدا فى شهر مايو من نفس عام توقيع الطلاق الملكى وقالت ناريمان انها سعيده بمحاولاتها ان تعيش مع زوجها الجديد ذى الدخل المتوسط من عمله فى مستشفى الانجلو امريكان بالاسكندريه كان عمرها فى ذلك الوقت 23عاما وكانت ترد بشكل غير مباشر على ان السعاده والصفاء ليسا فى القصور الملكيه ولكنها وجدتهما فى حياه بسيطه جديده .
كان كلام ناريمان عن زواجها وحياتها الجديده مؤشرا قويا على انها طوت كليا صفحة فاروق حلوها ومرها وانها كانت تترقب اللحظه التى ترتبط فيها بالزوج الجديد الشاب الوسيم الطبيب المتعلم فى لندن .
تم الزواج و حظى بالاهتمام الواجب بحدث زواج ملكه سابقه من شاب مصرى و تابعته وسائل الاعلام، و اثمر هذا الزواج انجاب الملكة السابقة من زوجها الدكتور ادهم النقيب طفلا اطلقت عليه اسم اكرم و كانت فرحتــها بالمولــود كبيره و عاشت سنوات من الاستقرار مع زوجها الجديد متفرغه تماما لتربيـة نجلها اكرم و رعايـة زوجها.
لكن ما حدث عكس المقدمات تماما حيث حدث الخلاف فيما بينهما و بدأت رحلة من المشـكلات بينها و بين زوجها و لم تنجح فى حلها بالطرق الوديه و الحوار المشترك و تم تصعيد الموقف الى ساحات القضاء و المحاكم و تدخلت الام اصيلة هانم فى الحوار الدائر و التوتر مع الدكتـور ادهم النقيب وصعدت من حملتها ضد زوج ابنتها ناريمان و الذى كان رافضا بشكل قاطـع ان يمنح ناريمان حريتها والموافقه على طلاقها منه و بدأ يجاهر للصحافه بأنه لن يمنحها الطــلاق و سعت الام اصيلة هانم بشــده من اجل ابرام اتفاق معه لطلاق الملكة السابقة حيث ارسلت وسيطا يتفاوض مع الدكتور ادهم النقيب لكنه رفض و قال ان الحوار يجب ان يكون مع ناريمان و حمل الام المسئوليه كاملة عن انهيار الزواج
وامام اصرار ناريمان على الطلاق وافق الدكتور ادهم على طلاقها فى عام 1964بعد زواج دام 10 سنوات كانت ثمرته ابنا هو اكرم الذى اشتغل بالمحاماه فى الاسكندريه
ويتحدث اكرم النقيب عن هذا الزواج فيقول جاء زواج والدى من الملكة بطريقة عادية جـدا ولعبت المصادفه وحدها دورها والموضـوع ببسـاطه ان جـدى احمد باشا النقيب كان الطبيب الخاص للملك وللاسره المالكه وكان بحكم عمله وعلاقته مع الملك موجودا بصفه دائمه فى القصر الملكى وكانت ابنته عقيله ترافقه فى المناسبات وبسبب وجودها المستمر داخل القصر حدث تعارف بينها وبين الملكة ناريمان وكانت الملكة فى ذلك الوقت فى نفس سنها وتقربت منها كما تقربت من جدى وتوطدت العلاقة بينهما وقالت لى الملكة انها فى ذلك الوقت وجدت فى عقيلة النقيب رفيقه وصديقه واستمرت الصداقه حتى بعد سفرى ومغادرتى لمصر وبعد عودتى من ايطاليا والطلاق فكرت على الفور فى الاتصال بالصديقات اللاتى تربطنى بهن علاقه قويه وكانت فى مقدمتهن عقيله النقيب وبدأنا فى الالتقاء والزيارات وفى احدى المرات كنت فى زياره لشقتها فى الزمالك وبالمصادفه قابلت هناك الدكتور ادهم النقيب وحدث التقارب منذ الوهله الاولى وبعد فتره لم تطل من اللقاء الاول حدث الزواج وانتقلت الى الاقامه بالاسكندرية فى فيلا الدكتور ادهم النقيب
ويكمل اكرم جوانب القصه كما استمع اليها من والده الدكتور ادهم النقيب: فى هذه الفترة كانت العلاقه مع الملكه على اكمل وجه والتفاهم بيننا كبيـر والمشاعر طيبه جدا كنت فخـورا بها وهى كذلك ولكن وكأن الثوره تنتقم منها ومنى لم يكتفوا بما فعلوه معها من تجريدها من كل شئ وعودتها دون ابنها وكان والدى قد تم القبض عليه وحاكمته محكمة الثوره وقضت المحكمة بعقوبة قاسية لا يستحقها طبيب ولا تستند الى حقيقه وحرمت انا من ممارسه الطب ولم اتمكن من العمل فى عيادتى وتم مصادرة كل شئ وتم تجريدى من كل شئ حتى الكرامه كل هذا المناخ كان سببا فيما حدث بينى وبين الملكه ناريمان فهذه الظروف لم تساعدنا على الاستقرار، حياتنا تأثرت ومزاجنا تعكر لم نعد نستمتع بالاشياء ولا بالايام ولا بالمناسبات وزادت الضغوط والاستفزازات وكان من نتيجة ذلك تكرار المشكلات لم تكن هى المخطئه ولم اكن انا كذلك كلانا كان يعيش ظروف صعبه ومر بتجربه قاسيه
يواصل اكرم الكلام على لسان والده فيقول لم يثمر الزواج اطفال حتى مولدى فى 28 مارس1961 كان والدى يقول لى الظروف النفسية غير المستقره لم تساعدنا على حتى مجرد التفكير فى الانجاب والثوره لم تتركنا نعيش مثلما يعيش باقى الناس ولكن شاء القدر ان ننجب كانت سنوات مضطربه بسبب الظروف السياسيه التى تعرض لها والدى والملكه ويقول اكرم حرم والدى من ممارسة الطب وامى الملكه كانت سيدة مدللـه طوال عمرها ولكن الظروف تغيرت فلم تعد تتحمل الواقع الجديد المؤلم ولم تعد قادرة على مواجهة كل ما يحدث من حولها وما يحدث لزوجها
الزواج الثالث
بعد هذا الانفصال بعام واحد دخلت الملكة السابقة ناريمان تجربه زواج جديده حيث تزوجت الدكتور اسماعيل فهمى فى عام 1967 وكان لواء بالقوات المسلحه تخرج من كلية الطب عام 1957 وحصل على درجة الدكتوراه واخر منصب شغله هو نائب مدير ادارة الخدمات الطبيه بالقوات المسلحه واحيل للتقاعد عام 1989 وظلت زوجته حتى وفاتها فى 16 فبراير عام 2005 عن عمر يناهز 72 عاما وفضلت فى هذه التجربه ان تعيش بعيدا عن الاضواء وعن الصحافه حيث كانت تسكن بشقه فى مصر الجديده ولم تنجب من الزواج الاخير والسبب هو ان الطبيب المعالج لها نصحها بعـدم الحمـل حتى لا تتعرض حياتها للخطر وتقبل الزوج القرار دون مناقشه وضحى بعاطفة الابوه مقابل الحفاظ على صحة وحياة الملكه
لم يتحدث زوجها الدكتور اسماعيل فهمى عنها ولا عن زواجه منها وظل الزوجان فى حياتهما بعيدا عن كل شئ يذكرهما بالماضى، ربما اراد ان ينعم بحياته الزوجيه مع الملكه السابقه حتى لا تحدث المشكلات ويتكرر الانفصال، اوصدت الملكه السابقه باب شقتها فى وجه كل من يحاول النبش فى التاريخ، رفضت ان تكتب مذكراتها وتتقاضى عنها مبالغ كبيره وعاشت فى النهايه سيده بسيطه تحمل من صفات الملكه الكثير، حملت الاسم واللقب وكذلك نبل مشاعر الملكات ورقة شعورهن وعدم الفظاظه فى التصرف والسلوك
وعن كيفية حدوث هذا الزواج يروى زوجها الدكتور اسماعيل فهمى فيقول المصادفة هى التى وضعت الملكه فى طريقى كان ذلك عـام 1967 وكانت الملكه تمر بوعكه صحيه وتحتاج الى اجراء بعض التحاليل الطبيه فطلب منى ابن عمها الدكتور على عبد الفتاح ان ازورها فى الفيلا التى تسكن يها بمصر الجديده لاخذ عينة دم من الملكه وبعد مرور يوميـن كانت نتــائج التحاليـل الطبيه قد ظهرت وذهبت ثانيـة الى الملكـــه ومعى نتيجــة التحليـــل وفى هذه المقابله تحدثت مع الملكه ودار بيننا حوار مشترك وكان الحوار بسيطا ودون تكلف وطبيعيا جدا ولحظتها شعرت بالتقارب والتفـاهم وكانت ناريمان تتمتع بحضور كبير وبجاذبيه خاصه وكررت زيارتها مره ثالثه فى الفيلا ولم يطل الوقت بعد ذلك كثيرا حيث تقدمت لطلب يديها للزواج وتم ذلك دون وساطه من اى شخص وكان رد الفعل منها طبيعيا وتلقائيا، اشياء كثيره جمعت بيننا وكما توقعت وافقت على الارتباط بى ووجدت القبول منها سريعا وتم الزواج فى شهر اغسطس عام 1967 واقمنا حفلا عائليا بسيطا ولم ندع اليه احد خارج محيط العائله والاسره.
المرض والوفاه
فى نهاية شهر يناير عام 1969 تعرضت الملكه ناريمان لأزمه صحيه صعبه وخطيره بسبب إصابتها بنزيف داخلى فى المخ على الفور حضر الدكتور سيد الجندى الطبيب الشهير والمتخصص فى جراحة المخ والأعصاب وبعد ان فحصها نصح بنقلها فورا الى المستشفى وظلت تتلقى العلاج داخل المستشفى لمدة شهر كامل دون ان يطرأ على حالتها اى تحسن يذكر كان لابد من عمل أى شئ لإنقاذ الملكه وبعد استشارة الأطباء سافرت الى باريس يرافقها زوجها الواء طبيب اسماعيل فهمى واجريت لها عمليه جراحيه خطيره وقد كتب الله سبحانه وتعالى لهذه العمليه النجاح وعادت الملكة الى مصر فى فبراير 1969 معافه دون ان تترك العملية اى اثار عليها ولكن فى السبعينات بدأت الملكة تشعر بالصداع كما بدأت تتأثر من اى شئ وتغضب سريعا وقد كان كل هذا من الاثار المتوقعه بعد العمليه كما اخبرها الطبيب الذى أجرى لها العملية ومن الاثار التى ترتبت على المرض ايضا عدم الانجاب حيث نصحها الاطباء بعدم الحمل خوفا من ارتفاع ضغط الدم ومن عام 1990 بدأت تشتد نوبات الصداع وفى عام 2002 بدأت الحاله تتدهور وكانت قد سقطت فى الحمام ودخلت مستشفى كليوباترا بمصر الجديده للعلاج من اثر السقوط حيث نتج عن سقوطها كسر فى عظمه الفخذ وفى عام 2004 اصيبت بالتهاب رئوى ودخلت المستشفى وفى اخر 3 سنوات لم تكن تنزل من البيت الا للضروره القصوى وقد اصيبت فى الفتره الاخير بغيبوبه نقلت على اثرها الى المستشفى حيث توفيت فى الثامنة صباحا من اليوم العاشر لدخولها المستشفى يوم 16/2/2005 ليسدل بذلك الستار على حياة مليئه بالمعاناه .